abdennourzouis
المدير العام
الأوسمة : الهواية : المهنة : المزاج : البـــلـد : الجنس : الابراج : عدد المساهمات : 247 تاريخ الميلاد : 10/04/1990 تاريخ التسجيل : 15/06/2010 العمر : 34
بطاقة الشخصية المدير: abdennourzouis
| موضوع: المغرب العربي الثلاثاء يونيو 22 2010, 21:34 | |
| بســـــم الله الرحـــمان الرحيــــم تحل هذه الأيام الذكرى الثانية والخمسون لمؤتمر طنجة 27 ابريل 1958 الذي دعا إليه الزعيم علال الفاسي باسم حزب الاستقلال أحزاب المغرب العربي الثلاثة الذين قادوا الحركة الوطنية التحريرية في الأقطار الثلاثة: جبهة التحرير الجزائرية وحزب الدستور التونسي وحزب الاستقلال المغربي من طبيعة الحال وكان المؤتمر فرصة لوضع لبنة أساس في بناء وحدة المغرب العربي ما بعد الاستقلال، بناءا على الحماسة في الأقوال والصدق في الأفعال اللذين كانا سمة الكفاح أثناء مقاومة الاستعمار والتي كانت إلى مرحلة انعقاد المؤتمر موجودة لدى الساعين للوحدة والذين تمرسوا بها منذ عهود الكفاح الأولى، وان يكن البعض قد كان منطويا على شيء آخر والذي ظهر فيما بعد ذلك والتاريخ يسجل مواقف الجميع. لذلك فإن حديث الجمعة اليوم عاد إلى الكلام عن مرحلة الكفاح بصدق ووفاء وإخلاص. وذلك للذكرى والذكرى تنفع المؤمنين ******** شعوب المغرب العربي ودوله والمسؤولون فيه على اختلاف مسمياتهم امتازوا باستمرار خلال مختلف مراحل التاريخ بنضال مشترك ضد الغزاة والذين يسعون بطريقة أو بأخرى لاحتلال الأرض واستعباد الإنسان واستغلاله ولذلك فإن كل مستبد أو مستعمر مهما كان مأتاه ومجيئه يلقى من شعوب المنطقة المقاومة والمحاربة حتى يندحر ويولي الأدبار، أو يندمج في المحيط السكاني وفق شروط المحيط والظروف التي يقررها، ولذلك فقلما استقر محتل أو مستعمر مهما طال مكثه ووسائل القوة والبطش التي يتوفر عليها، وهذا يلمسه كل من اطلع على تاريخ هذه المنطقة التي اتسمت دائما بثورتها الدائمة ضد الدخيل. المغرب العربي يجد ذاته في الإسلام ومع هذا الذي نلمسه فإن هذه المنطقة وجدت نفسها منذ استقرار الإسلام والفتح الإسلامي في هذه العقيدة الإسلامية وفي القرآن ولغته، أقول هذا وأنا لا أنكر المقاومة التي واجهت الفتح الإسلامي، وردود الفعل التي كانت لدى الأمازيغ لما ظهرت طلائع الفتح الأولى، وحتى بعد ذلك بعقود. ولكن عندما استقر الأمر وعرف الامازيغ ان هؤلاء الفاتحين ليس هدفهم الاستعمار والاستغلال، وإنما جاءوا بعقيدة منسجمة مع الفطرة ومع المثل التي يعشقها ويومن بها الامازيغ، فالحرية ورفض الظلم ومقاومته واحترام كرامة الإنسان التي كان الامازيغ ولا يزالون يومنون بها ويرون فيها القيم والمثل التي تستحق ان يضحي الإنسان في سبيلها بكل ما يملك هذه المثل هي التي جاء الإسلام ليبلغها للناس وليومنوا بها ويحرروا من خلالها أنفسهم من كل عبودية لأي كان ومهما كان المركز الذي يحتله، فانسجم الامازيغ مع هذه العقيدة بل انسجموا مع أنفسهم ومع القيم التي ينشدونها من خلال هذه العقيدة فانخرطوا في العمل من أجل إبلاغ هذه القيم لغيرهم من الناس إذ ما لبثوا أن أصبحوا جنودا في خدمة الدين الجديد وخدمة اللغة التي جاء بها كتاب هذا الدين عن قناعة وإيمان. الأمازيغ واللغة العربية فنحن من خلال دراسة التاريخ العام لهذه الشعوب بعد مجيئ الإسلام وقبوله دينا من لهم رأوا فيه الخير والمصلحة الراجحة للإنسان مهما كان ولم يكتفوا بما لمسوه بل انخرطوا بكل قوة في دراسته والتعمق فيه وفي أسراره وأهدافه ومراميه ومن أجل تحقيق ذلك سعوا إلى الوسيلة الكبرى والأساس لهذا العمل وهو اللغة فدرسوا اللغة العربية وتعمقوا في أصولها وفي أسرارها وعمق ما تحمله من دلالات في ألفاظها مفردة ومركبة، فكان من هؤلاء الامازيغ فطاحل في اللغة العربية وآدابها إذ صارت لغتهم التي يتعلمونها ويومنون بأهميتها بل وقدسيتها باعتبارها الوعاء للكتاب الذي يومنون به ويقدسونه القرآن، وباعتبارها كذلك وعاء حديث الرسول الذي يومنون به وبرسالته، وهكذا اندفع الامازيغ في العمل من أجل الإسلام ولغته ولاشك ان العلماء الذين تفرغوا لدراسة تاريخ النحو العربي والبلاغة العربية وغيرها من العلوم الفقهية واللغوية بل الثقافة الإسلامية في عمومها يدركون هذا جيدا، و مع الالتزام بهذا التراث والمحبة والإيمان بالإسلام وبلغته فقد بقي هؤلاء الناس محافظين على لغتهم الأصلية لغة للتخاطب والتعامل فيما بينهم. ولعل الميدان الذي يبرز فيه اندفاعهم لحماية الدين ولغته والدفاع عنها هو عندما يظهر على الساحة غاز و مهاجم أو مستعمر، حيث يكون رد الفعل قويا وموحدا وهذا الواقع تشترك فيه شعوب المغرب العربي الذي أخذ هذه النسبة من هذا الإيمان بالإسلام وباللغة العربية التي تعشقها الامازيغ وآمنوا بها لغة لهم، ولا يقبلون المساس بها ولذلك ارتضى القادة والزعماء من الامازيغ الأقحاح ان يسمى بلدهم بهذا الاسم وينتسب إلى لغة هي من أعز اللغات وأكرمها عندهم وهم لا يرون في ذلك مسخا لتاريخهم ولا اعتداء على لغتهم التي يتخاطبون بها ولكن يرون في ذلك إضافة معنوية وعقدية لهم ولتاريخهم فسواء لديهم من حيث الاحترام والاعتزاز هذه اللغة أو تلك ولكن الميزان من حيث القداسة بميل في أكثر الأحيان ولدي الأكثرية لصالح اللغة العربية ومن هذا المنطلق كان هذا الشمال الإفريقي مغربا عربيا. البشير الإبراهيمي وعروبة الشمال الإفريقي وفي هذا المعنى يقول الشيخ البشير الإبراهيمي في مقال له بعنوان عروبة الشمال الإفريقي: «عروبة الشمال الإفريقي بجميع أجزائه طبيعية، كيفما كانت الأصول التي انحدرت منها الدماء، والينابيع التي انفجرت منها الأخلاق والخصائص، والنواحي التي جاءت منها العادات والتقاليد؛ وهي أثبت أساسا، وأقدم عهدا، وأصفى عنصرا، من إنكليزية الإنكليز، وألمانية الألمان». وبعد ان يتحدث عن العوامل التي أفضت إلى عروبة الشمال الإفريقي يقول: كل هذه العوامل صيرت هذا الشمال عربيا قار العروبة على الأسس الثابتة من دين عربي، ولغة عربية، وكتاب عربي وآداب عربي ومنازع عربية وتشريع عربي؛ وجاء التاريخ _وهو الحكم في مثل هذا_ فشهد وأدى، وجاءت الجغرافية الطبيعية فوصلت هذا الشمال بمنابت العروبة من جزيرة العرب؛ وجاء الزمن بثلاثة عشر قرنا، تشهد سنوها وأيامها بأنها فرغت من عملها، وتم التمام . وينتقد الإبراهيمي القادحون والمغرضون فيقول: إن كل ما يحتج به القادحون في عروبة هذا الشمال هو حجة عليهم، فالدول التي قامت فيه _كاللمتونية والرستمية والموحدية والصنهاجية والمرينية والزيانية_ ليس لها من البربرية إلا النسبة العرفية، وهي فيما عدا ذلك عربية صميمة: عربية من الضروريات المقومة للدولة، كوظائف القضاء من عقود وتسجيلات، وعربية في الكماليات التي تقتضيها الحضارة والترف، كالغناء والموسيقى والشعر، فما علمنا أن شعراء البلاطات في تلك الدولة تقربوا إلى الملوك بالشعر البربري، إلا أن يكون في النادر القليل، وفي حال الاصطباغ بالبداوة الأولى. الاستعمار ومحاولة الإجهاز على العربية والامازيغية ويتعرض الإبراهيمي لإنكار الاستعمار لعروبة الشمال الإفريقي ورد عليه قائلا: ينكر الاستعمار عروبة الشمال الإفريقي بالقول، ويعمل لمحوها بالفعل، وهو في جميع أعماله يرمي إلى توهين العربية بالبربرية، وقتل الموجود بالمعدوم، ليتم له ما يريد من محو واستئصال لهما معا؛ وإنما يعتمد العربية بالحرب لأنها عماد العروبة، وممسك الدين أن يزول، ولأن لها كتابة، ومع الكتابة العلم؛ وأدبا، ومع الأدب التاريخ، ومع كل ذلك _البقاء والخلود، وكل ذلك مما يقض مضجعه، ويطير منامه، ويصخ مسمعه، ويقصر مقامه. وما هذه البدوات التي تبدو منه حينا بعد حين، إلا وسائل لمحو العربية. هذا بعض ما جاء في مقال الابراهيمي ونحن هنا لسنا بصدد المناقشة التي أثارها الاستشراق في القرن التاسع عشر حول الفكر هل هو عربي أو إسلامي أو غير ذلك بل نحن نومن ان اللغة العربية قدمت الشعوب في المغرب العربي وخدمتهم ولا يزال الأمر محتاجا إلى هذه الخدمة المتبادلة لصالح الشعوب والمنطقة وكل افتعال للصراع بين العرب والامازيغ لن يخدم الا المتربصون وهم كثر ما في ذلك. وانما استعرضنا بعض ما استعرضنا لأننا نحيي هذه الأيام الذكرى المائوية لأحد أبناء هذا المغرب العربي الذين وهبوا حياتهم منذ نعومة الأظفار إلى إسلام الروح لبارئها للدفاع عن هذه الأرض وعن المواطنين في عموم المغرب الإسلامي بإخلاص وصدق، وقد كان وهو يدافع عن الحرية والكرامة للإنسان المغربي ويحرك لدى هذا الإنسان كوامن النخوة والعزة لا يغفل عنصرا من عناصر الأمة التي يسعى لنهضتها كما لم ير في إحياء كل مكوناتها الثقافية والحضارية وصيانتها من عبث المستعمر وغاياته الحسية ومقاصده العنصرية والاستغلالية. وما كان ينظر إلى المغرب إلا على انه امازيغ ويعرب صقل الزمان والتاريخ والثقافة والدين أرومتهم واعني بذلك الزعيم علال الفاسي ونحيي في نفس الوقت الذكرى الثانية والخمسين لمؤتمر طنجة للوحدة المغاربية. وقد استحضرنا في هذه الذكرى أيام الكفاح ضد المستعمر الذي توحدت فيه الشعوب في الكفاح والعمل كما كان فيه المستعمر يقوم بعمل مدروس ومخطط للقضاء على مقومات الشخصية المغاربية حيث جمع في عام واحد هو عام 1930 ثلاثة مظاهر من مظاهر العمل لمحو الشخصية المغاربية كما قلت وهي: 1 – إحياء ذكرى مرور مائة سنة على احتلال الجزائر 1930 – 1830 2 – المؤتمر الافخارستي بتونس 1930 لإحياء ذكرى مرور خمسين سنة على احتلالها. 3 - ظهير 16 مايو 1930 . ظاهرة مريبة في الاستعمار الفرنسي وفي هذه الظاهرة يقول علال الفاسي في الحركات الاستقلالية: «بينما يقف الشعب التونسي كأخيه المغربي موقف المطالبة بحرياته المغصوبة وحقوقه المسلوبة إذا بالسياسة الاستعمارية الفرنسية تتقمص شكلا جديدا أشد وأدهى من كل الأشكال التي ظهرت بها من قبل، فقد وجهت حملتها العنيفة هذه المرة لا للسيادة القومية في شمال أفريقيا، ولا للثورة الشعبية في يد أبنائها، ولكن للعقيدة الإسلامية التي ظلت الغذاء الوحيد للنفوس في هذا البلد المنكوب وهكذا تقرر انعقاد المؤتمر الافخارستي في تونس في الوقت الذي قررت فيه فرنسا تدشين سياستها البربرية في مراكش، وذلك بمناسبة مضي. 50عاما على احتلال تونس. ولم تكن هذه الظاهرة مجرد عمل قام به الولاة الرجعيون خارج فرنسا، بل كان سياسة جديدة قررت الحكومة الفرنسية نفسها إتباعها والعمل عليها، وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسية أمام مجلس النواب أثناء عرض الوزارة لفصل من الميزانية يرمي لمساعدة الجمعيات التبشيرية ومعارضة بعض الأحزاب اليسارية له: (أن فرنسا إذا كانت لا دينية في داخل حدودها فإنها دينية في الخارج)، فالمسألة إذا لم تعد قضية بعيدة عن المسؤولية الرسمية للجمهورية الثالثة التي تعتبر اللائكية من أجلى مظاهرها التي تفتخر بها. وهذا الاتجاه الجديد شجع المبعوثين المسحيين في شمال إفريقيا على التظاهر برغباتهم استغلال ظل السلطة بتبشير المسلمين بالمسيحية، المرتكبين في ذلك مختلف السائل، غير المبالين بما يجرح عواطف المغاربة وإحساساتهم الدينية، وهكذا عرضت الإقامة العامة على المجلس الجديد مشروع مليونين من الفرنك لتنظيم المؤتمر الافخاستي ولما عارض الأعضاء المسلمون في المصادقة على المبلغ منعتهم السلطة من المناقشة وأقرت مشروعها كما تشاء. ثم صرح الأسقف بأن المؤتمر الافخارستي حملة صليبية على تونس، وإن كان ملِؤها المحبة والسلام». (الحركات الاستقلالية ص:71) 1 - الاحتفال بمرور مائة سنة على احتلال الجزائر وفي الاحتفال بمرور مائة سنة على احتلال الجزائر يقول البشير الإبراهيمي: وشمرت حكومة الجزائر الاستعمارية عن ساعدها لتحتفل بمرور مائة سنة على احتلال الجزائر، وبكرت في أخذ الأهبة والاستعداد بشهور قبل حلول اليوم الموافق ليوم بدء الاحتلال وبثت له الدعاية بجميع وسائلها في العالمين وقدرت لبرنامج المهرجانات ستة أشهر، وصور لها غرورها أنها تخرج من هذا العيد بفوائد مادية جسيمة مما تسيل به جيوب الملايين من أطراف العالم، وممن تجلبهم الدعاية لهذا العيد، وفوائد معنوية عظيمة، منها شهادة العالم لها بما نشرت من مدنية، في حين أنها لم تنشر في الجزائر شيئا من المدنية، وإنما نشرت الأخلاق الدنية. أما الطرق التي عبدتها فإنما هي لتمكين أبنائها من الاستغلال، وعلى قدر ذلك الاستغلال، أما الأهلي صاحب الدار فحظه منها أن لا يمشي على رجليه فيها إلا بالإيجار الباهظ وهو ما يدفعه من الضرائب باسم الطرقات، وأراد الله أن لا يصحب تصور حكومة الجزائر تصديق، فلم يفد على الجزائر من الأجانب عشر ما كانت تتصوره، وخسرت التقديرين. أما نحن ـ وأعني تلك الفئة القليلة ومن التف بنا من تلاميذنا ـ فقد بكرنا أيضا بدعوة مضادة لهذا العيد، وبثثنا عليه في الأمة كل مكروه، وكان كلامنا مع الأمة كله يدور على معنى هذه الجملة: « أيها الجزائريون: إن هذا العيد هو عرس فرنسا في مأتمكم، وهو تذكير بقتلهم لآبائكم، وبكل ما صاحب الاحتلال من انتزاع أرضكم وانتهاك عرضكم، وهو إشهاد للأمم على قهركم وإذلالكم وتسيل عليكم بذلك». كنا ندير هذه المعاني ونكررها لتنفذ إلى مواقع التأثير من نفوس إخواننا، ونعزّزها بكل ما يثير النخوة والحفيظة ويحيي العزة والكرامة، فامتلأت النفوس غضبا وحقدا، وبلغنا نحن غايتنا، في تذكير من طال عليهم الأمد فقست قلوبهم، ولا غاية أكمل من ذلك في ذلك الوقت، وكان من آثار عملنا أنه لم يشارك فرنسا في عيدها من الجزائريين إلا الموظفون والمخذولون وأصحاب المصالح المادية، وحتى النظارة ( المتفرجون) لم يكن لهم أرب في النظر إلا تصديق المعاني التي أثبتناها لهم في دعايتنا المضادة للعيد، وقاطعنا نحن مدينة الجزائر مركز تلك المهرجانات، فلم ندخلها حتى انصرمت شهور المهرجانات، وكان من الخزي لحكومة الجزائر أنه لم يستجب لدعوتها إلا الذين التزمت هي نفقاتهم، كالصحافيين والعلماء الذين خصصتهم بالدعوة لحضور المؤتمرات التي تضمنتها برامج العيد، وأراد الله أن يؤيد عملنا في إيقاظ الشعور الجزائري بصوت فرنسي تدفعه حماقة فرنسية من خطيب استعماري، في مؤتمر من تلك المؤتمرات. جنازة الإسلام وتشييد المساجد قال الخطيب في بعض تلك المؤتمرات ما معناه : ليس الداعي الأكبر لهذه المهرجانات هو الاحتفال بمرور مائة سنة على احتلالنا للجزائر، فهذا أمر بسيط وله عواقب معروفة، فقد لبث الرومان هنا ثلاثمائة سنة ثم أخرجوا، ولبث العرب بالأندلس ثمانمائة سنة ثم اخرجوا، ولكن الباعث الأعظم على هذا هو أننا دعوناكم لتمشوا معنا في جنازة الإسلام بالجزائر... واتخذنا نحن من هذه الكلمة مادة جديدة حارة لإثارة الغيرة الدينية، وكان من صنع الله أن اندفعت الجماعات من الجزائريين في أخريات تلك السنة إلى تشييد المساجد في القرى الاستعمارية الصميمة التي لم تكن فيها إلا الكنائس الضخمة، وليس فيها من المسلمين إلا الطبقات العاملة عند المعمرين ، وبهذه النفحة الإلهية شيدت عشرات المساجد الجميلة في قرى استعمارية، وتمت كلها في خلال السنة الموالية للعيد المئوي التي قيلت فيه تلك الكلمة المنكرة، وعلت مناراتها على الكنائس والمباني، وأصبح الأذان عليها يصخ آذان أولئك الجبابرة المستعلين في الأرض. وكانت هذه النفحة الغريبة التي لم تتسبب لها الأسباب صاعقة عليهم وعلى حكومتهم، واشهد أننا ما دعونا إلى هذا ، وإنما شجعنا عليه بعد وقوع بواكيره، وكانت هذه المساجد بعد بدء حركة جمعية العلماء وإلى الآن نعم العون لنا على نشر الإصلاح الديني والثقافة العربية كما يأتي، وقد كانت الفائدة المعجلة من حركة المساجد هذه أنها أحيت خلقا إسلاميا عظيما كاد يموت بين المسلمين، وهو خلق البذل في سبيل الله، والتعاون على البر والتقوى، والتنافس في بناء المكارم والمآثر، فقد رأينا الغرائب من تسابق المسلمين أغنيائهم وفقرائهم، نسائهم ورجالهم، في البذل للمساجد، وتنبّه هذا الخلق الأصيل فيهم لبناء المساجد كان هو السابقة المباركة لما تجلى بعد ذلك على أكمله في تشييد المدارس حينما دعوناهم إليها على ما يأتي تفصيله. وفي الملاحظات التي تهمّكم على العيد المئوي لاحتلال فرنسا للجزائر، أن حكومة الجزائر لم تستدع لحضوره عالما ولا كبيرا شرقيا، من العرب المسلمين ولا من غيرهم، إلا عالما تونسيا متخصصا في الأبحاث التاريخية. 2 - المؤتمر الافخارستي حملة صليبية على تونس وعن المؤتمر الافخارستي بتونس يقول الكاتب الطاهر عبد الله في كتابه عن «الحركة الوطنية التونسية» (ص64-65) في سنة 1929قرر غلاة الاستعماريين الفرنسيين إقامة مؤتمر عام من طرف رجال الين المسيحي سمي «بالمؤتمر الافخارستي» وسبب انعقاد هذا المؤتمر هو مرور نصف قرن على الاحتلال الفرنسي لتونس. وقام الحزب الحر الدستوري بشن حملة شعراء على هذا المؤتمر الذي كانت الغاية منه استعمارية. وقد أراد الاستعماريون ورجال الدين المسيحي بمؤتمرهم هذا بأن يقنعوا الشعب العربي في تونس بأن الاحتلال الفرنسي هو عمل طبيعي. بل عودة بالأمور لطبيعتها التاريخية. فقد أتى الفرنسيون لتخليص التونسيين من هذا الوجود العربي الذي أتى غازيا لهذه الأرض التونسية الرومانية واستفاضوا في شرح هذه الدعوة وفي الحديث عن مزايا الاستعمار الفرنسي وحضوره الذي يريد العودة بالتونسيين إلى أصلهم المسيحي الروماني، واعتبروا العرب غزة ومحتلين. وبالرغم من إحاطة هذا المؤتمر بجو إرهابي وقعي الا ان تصدي علماء جامع الزيتونة بقيادة الشيخ احمد بيرم شيخ الإسلام الحنفي وبين أعضاء جدالا حادا وعنيفا فندوا فيه العلماء التونسيين وشيوخ الزيتونة ورجالها وطلبنها ورجال الحركة الوطنية والشعب العربي في تونس عموما مزاعم القساوسة. وعندما تسربت أخبار هذا المؤتمر للحركة الوطنية قامت المظاهرات والإضرابات بقيادة الحركة الوطنية، ونزل ميدان المصراع الشبيبتان من طلاب جامع الزيتونة وطلاب المدرسة الصادقية. وقادت الجريدة «صوت التونسي» حملات مؤثرة إلى أن أبطل هذا المؤتمر مزاعم القساوسة الاستعماريين. وبسببها أحال المقيم العام «بروتون» مجموعة جريدة صوت التونسي إلى المحاكمة ولكن الضغط الشعبي والظاهرات استطاعت ان توقف هذا القمع عند حده. (الحركة الوطنية التونسية ص: ) 3 - ظهير 16 مايو 1930 لاشك أن المقاومة الشعبية في المغرب لهذا الظهير وأهدافه الاستعمارية لم تكن أقل شراسة وعنفا مع مقاومة الحركة الوطنية والتونسية وجمعية العلماء الجزائريين والحركة الوطنية الجزائرية للاحتفال بمرور مائة سنة على احتلال الجزائر وهكذا توحدت الحركة الوطنية في ميدان وانطلق الكل يدعم الكل لأن العدو وأهدافه واحدة، وكان الإسلام في مقدمة المحرك لهذه المعركة كما كان القادة من الشخصيات العامة التي تخرجت من المعاهد الإسلامية أو تربت على يد من تخرج منها، فجمعية العلماء في الجزائر والحركة السلفية في المغرب والحزب الحر الدستوري التونسي الذي كان يقوده في هذه المرحلة الشيخ عبد العزيز الثعالبي خريج الزيتونة كلها كان هدفها الدفاع عن المغرب العربي أو الشمال الإفريقي موحدا في ظل الإسلام الذي كان الاستعمار يستهدفه. ونحن إذا حاولنا القيام بعملية اسقاطية في هذه الأيام وقابلنا ما يجري في المحيط المغاربي من محاولة المنصرين إعادة الكرة من جديد حيث تحاول البعثات التنصيرية الجديدة بكل الوسائل إخراج المغاربيين عن دينهم وكذا ما يقوم به بعض الغلاة من النشطاء الامازيغيين والذين لم يفوضهم الامازيغ الدفاع عنهم وعن الامازيغية أصلا وأحرى ان يفوضوهم لذلك على حساب اللغة العربية والإسلام. نعم إذا استحضرنا ما يقوم به الاستعمار القديم الجديد وبعثات التنصير وبعض هؤلاء الغلاة أدركنا أن الكفاح اليوم من أجل الوحدة وتجاوز السياسات الضيقة التي يمارسها البعض من أوجب الواجبات ويجب في هذا السياق تطبيق الشورى والديمقراطية الحقيقية وتأسيس الحكم الرشيد وتحقيق العدالة الاجتماعية. إن هذا ما تفرضه الذكرى ويفرضه الواقع في سياق إعادة اللحمة والوحدة للمغرب العربي وللشمال الإفريقي. | |
|